مجلة الكويت - عدد 357

الحمراء وبهو السفراء

حَمْراءُ غَرْناطَة العَرُوسُ الأنيسةُ، اكتستْ زِيّاً نَفِيساً، ما خلعته في أي حال، حتى وهي حبيسة. طابَعاً متلازماً لا ينفك عنها أبداً، تَرْفُلُ به تَيَّاهَةً، بإبداعها المُتَرامِي الأجنحة، أفردَتْهُ على أرضها الطَّهُور فطابت في ظلالها النَدِيّة الزَهْراويّة، متجاوبةَ الأردان والأركان، بهيبةً متأنقة مزدانة متأبية، بنَغَماتِ خُلُودِ الأذان.

      شَرُفَ المَجْدُ على حَمْرائِها      يَوْمَ نادَى دَفّقَتْ مِنْ مائِها

      فاستقامَ العودُ طِيبَاً ونَهَى       أَنْ يَنالَ الريحُ مِنْ أَحْيَائِها

      واستنامَتْ بالورودِ  عَبَقاً          يَالَهُ بالعِطْرِ مِنْ إدْنائِها

 

سُمِّيتْ الحمراء Alhambra ، ربما لحُمْرَة تربتها أو حُمْرَة منظر منشئها مملكةً: ابن الأحمر، أو حُمْرَةِ زَهْرِها أو ثَمَرِها أو رُمّانها، حيث كلمة غَرْناطَة Granada  بالإسبانية تعني: الرُمَّان، لذلك كان اسمُ أَحَدِ أبوابِ قَصْر الحمراء: باب الرُمَّان. شجرة الرُمَّان جَلَبَها المسلمون إلى الأندلس من المشرق أَجْوَدُه الرُمَّان السَّفْرِي العجيب، نسبةً إلى اسم جالبه. لأبي عمر بن فَرَج الجّيّاني قصيدةٌ في وصف الرُّمان السَّفْري:

   

   ولابِسَةٌ صَدَفاً أحمرا                      أتتكَ وقد مُلِئتْ جَوْهَرا

   كأنك فاتحُ حُقٍّ لطيفٍ                  تَضمَّن مَرْجانَهُ الأحْمَرا

   حُبوباً كمثلِ لِثَاتِ الحبيب ِ           رُضاباً إذا شئتَ أو مَنْظَرا

   وللسَّفْر تُعْزى وما سافرتْ           فتشكو النَّوى أو تُقاسي السُّرَى

   بَلَى فارَقتْ أيكَها ناعماً                رَطيباً وأغصانَها نُضَّرا

   وجاءتكَ مُعْتاضةً إذ أتتْكَ            بأكرمِ من عودها عُنْصُرا

   بعودٍ تَرى فيه ماءَ النَّدى             ويُورِقُ من قبل أن يُثْمِرا

   هديةُ من لو غدتْ نفسُهُ              هديَّتَهُ    ظَنَّه    قَصَّرا

 

قَمارِش: صيغةُ جَمْعٍ إسبانِيَّة ((Comares لكلمة عربية: قُمْرِيّة: شُرْفَة يدخل منها النور. بهو قمارش اسم يُعْرَفُ به قاعة السفراء. تَرَى فوق رأسَك أعلى القاعة البَهْوَ المرتفع السقف يعلوه بُرْجُ قَمَارِش، تُلاحِظ شُرُفاتٍ عديدة، هي: هذه القُمْرِيات.


إذا كان الإجماع تاماً على روعة مباني قصر الحمراء كافة، فإن قاعة السفراء هذه تكاد تكون من أكثر الأجزاء فيها جمالاً وروعة وفنية ودقة وزخرفة وسَعَةً وشُهُوقَ قُبّةٍ، حيث يَزِيدُ ارتفاعُها فوق عشرين متراً، قد لا يفوقها في ذلك إلا أو ولا ساحة الأسود (السباع) أو بعضُ القاعات المجاورة. 

 

 

الصفحة الأولى
الصفحة الثانية
الصفحة الثالثة